موضوع: خطورة المعاصى والذنوب الأحد نوفمبر 04, 2007 1:11 pm
إخواني وأخواتـي في الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحبتي في الله : اسمحوا لي أن أرجع بأسماعكم إلى الوراء آلاف السنين ، ولكن آمُل أن يكون هذا الرجوع فيه استصحاب لعيني البصيرة , إنها اللحظات التي تسبق وجود الإنسان في هذه الدنيا , انظر هذا راكع وهذا ساجد , الكون كله يوحد الله , كله طائع لمولاه , اسمع زجل التسبيح يسمع في كل الأرجاء : {وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم } .
أحبتي : حدث أذهل البشرية .. هذا آدم قد خلقه الله من طين ثم أمر الله الملائكة بالسجود له إذا نفخ فيه الروح { فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين } , قبحك الله يا إبليس لقد عصيت ملك الملوك وتكبرت على من خلقك ولم تك شيئا فحق عليه اللعنة إلى يوم الدين .
إنها المعصية وعلى رأسها الكفر بالله , ولكن منذ ذلك اليوم تسمع في دنيانا هذه عن معاص ٍ في حق الملك ما يشيب من هوله الولدان
آدم عليه السلام يسكنه ربه الجنة فيوسوس إليه اللعين إبليس فيقع آدم في المعصية , نعم عصى آدم ثم ماذا ، { وعصى آدم ربه فغوى } إنها الغواية بعيدا عن الله ، ولكن آدم الذي اجتباه ربه تلقى كلمات من ربه فتاب عليه وهدى .
أخي : عينا البصيرة التي حدثتك عنها قبيل قليل تظهر خروج آدم من الجنة بمعصية واحدة ، فيا ويح من هو خارجها ثم يوالي المعصية تلو المعصية , من نعصى ؟ ثم ليت شعري من نعصى ؟ إنه الله .. الذي خلقنا من العدم وأسبغ علينا وافر النعم .
أيها العاصي : ألا تستحي ؟! حياتك كلها هبة من ؟ نَـفـَسُك من أعطاك إياه ؟ و كم و كم تعرضنا للهلاك فحفظنا والفضل له ، و نعمه تغمرنا والفضل له , ألا استحى المرء من كثرة نعمه علينا ؟ .
فإن لم يقنع الترغيب فإن نذر الله إلينا فترى : { إن بطش ربك لشديد * إنه هو يبدئ ويعيد * وهو الغفور الودود * ذو العرش المجيد * فعال لما يريد } ولو شاء ربك لما أبقى على ظهرها من دابة { ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة } وإلا فأين عاد الشداد الذين جابوا الصخر بالواد ؟ أين فرعون ذو الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد ؟ أين ثمود؟ أين القياصرة ؟ أين الأكاسره ؟ .
والجواب : { فلما آسفونا انتقمنا منهم أجمعين } أي فلما أغضبونا انتقمنا منهم : { فصب عليهم ربك سوط عذاب * إن ربك لبالمرصاد } .
ولماذا نقلع ؟ أخي إما أنك تستشعر حرارة المعصية أو أنك لا تشعر بها ، فإن كنت لا تشعر فويحك أسرع لأنه الران ، وهل تدري ما الران ؟ طبقة تغطي القلب لكثرة المعاصي فلا يشعر بعدها بحرارة الذنب , قال تعالى { كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } أي أنه حصل هذا الران بسبب كسب الذنوب والمعاصي .
رأيت الذنوب تميت القلوب * * وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب * * وخير لنفسك عصيانها
فهل يعقل أنك وصلت إلى هذا ؟ فإن كان ذلك كذلك فأسرع وأقلع وعد وأنب , وإن كنت تستشعر فهذا أوجب لأن تسارع إلى الإقلاع , إنها المعصية
- تظلم الوجه : قال عبد الله ابن عباس رضي الله عنه : إن للسيئة سوادا ً في الوجه .
- وتضيق الصدر :{ فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء } .
3- وتظلم القلب وتميته :
رأيت الذنوب تميت القلوب * * وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب * * وخير لنفسك عصيانها
4- وتحرم نور العلم : قال الإمام الشافعي :
شكوت إلى وكيع سوء حفظي * * فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقال اعلم بأن العلم نـور * * ونـور الله لا يهدى لعاصي
5- وتحرم الرزق : روى أحمد من حديث ثوبان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه » .
ناهيكم يا عباد الله بما يحل بالبلاد والعباد من قحط وجدب وانتشار للأمراض والأوبئة وما يحل من زلازل مدمرة وبراكين حارقة ورياح وأعاصير عاصفة مع الابتلاء بجور السلطان وتسلط الأعداء , وفي ظل هذا الفساد العام يموت السمك في الماء والطيور في الهواء .
يقول أبو هريرة رضي الله عنه : " والذي نفسي بيده إن الحبارى لتموت هزلا في وكرها بظلم الظالم " , إنه فساد عام في الدنيا كلها لا يحلو للحياة معه طعم ، وصدق الله إذ يقول : { ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون } .
فإلى متى يا عباد الله ؟ اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا وأمددنا بأموال وبنين واجعل لنا جنات واجعل لنا أنهارا , عباد الله : كل هذا هين أمام ما ينتظر في الدار الآخرة من عذاب أليم وخزي مقيم ، الغمسة الواحدة فيه تنسي نعيم الدنيا كله .
{ ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء } .. { يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار * ليجزي الله كل نفس ما كسبت إن الله سريع الحساب} .
فإلى متى يا عباد الله ؟ اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا وأمددنا بأموال وبنين واجعل لنا جنات واجعل لنا أنهارا .
أحبتي : إن من نعم الله علينا جميعا أن فتح لنا بابا للتوبة لا يغلق إلى يوم القيامة ونادى علينا جميعا ، فيا ترى لأي شيء يدعونا ؟ { يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى } , سبحان الله ما أحلم الله .. المعصيةُ في حقه ثم ينادي علينا : { وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون } .
فاللهم توبة تمحوا بها ما سلف وما كان , وصلِّ وسلم يا ربي على خير تواب أواب نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه وكل أواب .
( لا إله إلا أنت سـبحـانك , إنـي كـنت من الظــالمين )
هذا ,,, والله سبحانه وتعالى أعلم , وصلى الله على نبينا محمد