ابرز المنجزات الحضاريه الاسلاميه فى مجال العلوم
--------------------------------------------------------------------------------
ابرز المنجزات الحضاريه الاسلاميه فى مجال العلوم
لقد كانت هناك منجزات عبقريه للحضاره الاسلاميه وخاصة في العلوم وهذه العلوم مثل الفلك والهندسة والحساب والجبر والكيمياء والفيزياء والتاريخ الطبيعي والطب، وغير ذلك من العلوم التطبيقية.
وقد أسهم المسلمون الأوائل بدور كبير في هذه العلوم، لأن ديننا الحنيف يحث دائمًا على البحث والتحري ودقة النظر، والتأمل في معالم هذا الكون، واستنتاج قدرة الله عز وجل، ولقد تعددت إنجازات المسلمين في العلوم المقتبسة، ومنها:
علم الفلك:
وهو العلم الذي نعرف به أحوال الكواكب والنجوم في السماء وحركاتها وأبعادها، وقد اتجه المسلمون لدراسة هذا العلم دراسة دقيقة فبدءوا بترجمة الكتب التي تتحدث عن الفلك عند اليونان والفرس والهنود، واستوعبوا هذه المعارف وفهموها، ثم نقدوها وعلَّقوا عليها، وأضافوا عليها، وابتكروا أشياء جديدة نافعة في حياة المسلمين.
ومن أهم علماء الفلك الذين نبغوا في ظل الحضارة الإسلامية:
البتَّاني أبو عبد الله محمد بن جابر بن سنان (ت 317 هـ)، وهو من أحفاد المترجم المشهور ثابت بن قُرَّة الحراني، وقد أنشأ البتَّاني مرصدًا فلكيَّا عُرِف باسمه، ووصف الآلات الفلكية وصفًا دقيقًا، وشرح طريقة استخدامها، وهو ما يعرف بالأَسْطُرلاب.
وقد كان لأعماله جانب نظري يتمثل في قراءة مؤلفات الفلكي اليوناني بطليموس وانتقائها بطريقة علمية، وَوَضع كتابًا في حركة النجوم وعددها، ظل يدرَّس في أوربا حتى عصر النهضة العلمية في أوربا،
علوم الرياضيات:
علوم الرياضيات تشمل الحساب والجبر والهندسة وغيرها، ويعد العلامة محمد بن موسى الخوارزمي (ت 232 هـ) صاحب الفضل الأكبر في معرفة خانات الآحاد والعشرات والمئات، وفي معرفة الزوجي من الفردي في الأعداد، وفي معرفة عمليات الكسور العشرية، واستخدامها في تحديد النسبة بين محيط الدائرة، وقطرها مما لم تعرفه أوربا قبله.
ولم يكن الخوارزمي وحده هو البارز في هذا المجال، بل كان هناك علماء كثيرون وضعوا مؤلفات في الحساب والجبر وغيرهما مثل: أبي كامل شجاع بن أسلم المصري، ووسنان بن الفتح الحرَّاني، والكندي، ومحمد بن الحسن الكرخي صاحب كتاب الكافي في الحساب، ويحتوي على مبادئ الحساب الشائعة في زمنه وبعض العمليات الحسابية المبتكرة.
وعلم الجبر من العلوم التي أنشأها المسلمون، برغم أن لها أصولا في بابل والهند وعند الإغريق، لكن المسلمين طوَّروها، وأضافوا إليها الكثير على يد علماء بارعين، حتى تكاد تظهر بصمات اليد العربية عليه، وما زال يحتفظ باسمه العربي في لغات العالم المختلفة.
ويعد الجبر أفضل فروع الرياضيات عند الخوارزمي، الذي يعد أول من ألف فيه بطريقة علمية، وله كتاب في الجبر يسمى (الجبر والمقابلة)، كما نجح في استخدام الجذور واستخدم الرموز في الرياضيات لأول مرة، مما جعل هذا العلم متطورًا بدرجة عالية؛ فسبق الخوارزمي بذلك ديكارت وغيره من علماء الرياضيات الأوربيين. ويرجع السبق إلى المسلمين في اختراع الرقم صفر، فلم يكن معروفًا قبل ذلك..
علم الجغرافيا وعلاقته بالفلك والرحلات:
كان المسلمون الأوائل يعيشون في بيئة صحراوية، ارتبطوا بها، ولمسوا تغيرات الجو، وعرفوا تطوراته، وكانت تضاريس الصحراء، وما بها من جبال وتلال وهضاب وسهول ووديان، وأماكن المياه، كان ذلك دافعًا لمعرفة المسلمين بعلم الجغرافية وبراعتهم فيه.
لقد استفاد المسلمون من معارف الأمم السابقة في الجغرافية، وأضافوا إليها معلومات جغرافية كثيرة، فقد برعوا في مجال الجغرافيا الوصفية، وهي ما عرف بعلم المسالك والممالك، وقاموا في ذلك بعدة رحلات برية وبحرية كثيرة وصفوا خلالها الطرق والمسافات والمدن والأقطار وصفًا دقيقًا رائعًا، كما برع المسلمون في مجال التأليف الجغرافي ومحاولة التفسير العلمي لبعض الظواهر الجغرافية، ونجحوا نجاحًا باهرًا في فن رسم الخرائط، مما يدل على الدقة وسعة الثقافة التي وصل إليها الجغرافيون المسلمون في معرفة البلاد ورسم مواقعها.
وكان أشهر رسَّامي الخرائط الإدريسي الذي رسم خريطة للأرض، كما كانت تعرف في عصره بناء على طلب ملك صقلية، وقد رسمها على كرة من الفضة الخالصة، ووضع عليها خطوط الطول والعرض،
علم الفيزياء:
درس المسلمون ظواهر عديدة في البحر، كالمد والجزر، والبراكين، وظواهر جوية كالضغط الجوي والرياح والأعاصير، والمطر والسحاب والبرق والرعد وظواهر الصوت والضوء وغيرها. وظهر الحسن بن الهيثم، صاحب النظريات المعروفة في علم البصريات.
وقد اهتم المسلمون بالأوزان، واستخدموا موازين غاية في الدقة، كما تفوقوا في تقدير الأوزان النوعية (النسبة بين وزن المادة ووزن حجم مساوٍ لحجمها من الماء).
ولقد اخترع البيروني آلة مخروطية، يتجه مصبها إلى أسفل، صنعها بنفسه ورسمها، لاستخراج الوزن النوعي، وذلك عن طريق ملء هذه الآلة بالماء حتى المصب (النهاية)، ثم يوضع فيها المادة التي يريد معرفة وزنها النوعي، فيخرج من حولها قدر من الماء من خلال المصب، ويسقط في الكفة، فيكون الوزن النوعي لها هو النسبة بين وزنها ووزن الماء المزاح، ونجح البيروني عن طريق تلك الآلة في تحديد وزن ثمانية عشر معدنًا كالذهب والزئبق والنحاس والحديد والياقوت وغيرها، وتوصل إلى نتائج قريبة من نتائج العصر الحديث..
ودرس المسلمون الصوت والضوء، وعرفوا كيفية تمييز الأصوات من خلال دراسة الأوتار الصوتية، واهتزازاتها، وعرفوا المرايا بأنواعها. وهذا قليل من كثير عن علم الفيزياء عند المسلمين، وعطائهم الحضاري في ميدان الفيزياء، ولولا هذا العطاء ما تقدم الغرب هذا التقدم السريع في علوم الفيزياء.
علوم الحياة:
وهي العلوم التي تدرس النبات والحيوان. وقد اشتغل المسلمون بعلمي النبات والحيوان، واهتموا بهما اهتمامًا عظيمًا، وكانت تعاليم القرآن والإشارات العلمية الواردة فيه خير دافع للمسلمين للبحث في جميع فروع المعرفة، ومنها علوم الحياة.
وقد ألف أبو حنيفة الدينوري الملقب بشيخ علماء النبات كتاب (النبات)، وألف الإدريسي كتاب (الجامع لصفات أشتات النبات).
وقد اهتم المسلمون بالزراعة، وأصبحت على أيديهم علمًا له أصوله وقواعده قبل باقي العلوم الأخرى، وقد اعترف الأوربيون بفضل العلماء المسلمين ودورهم في نقل كثير من النباتات إلى مصر والأندلس وصقلية، والتي استفاد منها الغربيون في زراعاتهم ومنها القطن، والبطيخ، وقصب السكر، والليمون، واهتموا بشق الترع والقنوات، وقد ذكر ابن حوقل في كتابه (المسالك والممالك) أخبارًا كثيرة عن هذه الترع والقنوات والأنهار.
كما اهتموا ببناء الخزانات وبناء السدود الضخمة على بعض الأنهار، وكذلك شق المجارى المائية تحت سطح الأرض. ومن أهم كتب الزراعة، كتاب الفلاحة الأندلسية لأبي زكريا محمد بن العوام الأشبيلي، وقد تحدث فيه عن أنواع التربة وأجودها، وما يصلح منها للبقول وغيرها وما لا يصلح لها.
علم الكيمياء:
لقد عرف المسلمون علم الكيمياء في وقت مبكر، وذلك على يد خالد بن يزيد بن معاوية (ت 85 هـ)، الذي ترك حقه في الخلافة؛ لأنه كان يحب العلم ويفضله على أي شيء آخر، فقام بترجمة كتب النجوم والطب والكيمياء.
وبرع في هذا الجانب جابر بن حيان (120 هـ-210 هـ) الذي أكد على أن التجربة هي أهم مراحل البحث العلمي، وبذلك وضع أسس المنهج التجريبي الحديث، وهو المنهج الذي يقوم على التجربة والملاحظة والاستنتاج، كما عرف ابن حيان كثيرًا من العمليات الكيميائية، ووصفها بدقة مثل: التبخير، والترشيح، والتقطير، والإذابة، وقد أجرى بعض التفاعلات الكيميائية، وحصل من خلالها على محلول نترات الفضة. هذا وقد بلغت كتبه أكثر من مائة كتاب مثل: الخواص الكبير، والموازين، والإيضاح، وقد عرف الغربيون له قدره فترجموا مؤلفاته إلى اللاتينية من شدة إعجابهم بها.
ومن الكيمائيين المسلمين الذين برعوا في هذا المجال، محمد ابن زكريا الرازي، صاحب كتاب الأسرار في الكيمياء، الذي استخدم علم الكيمياء في الطب وعلاج كثير من الأمراض داخل جسم الإنسان.
علم الطب:
لقد اشتغل العرب بالطب في القديم، وتقدموا فيه مع تقدم الأيام، وظهر منهم في عهد الرسول ( الحارث بن كَلَدة الثقفي طبيب العرب، الذي شهد له الرسول ( ببلاغته في الطب، بالإضافة إلى بعض النساء اللاتي اشتغلن ومارسن هذا العمل، خاصة خلال غزوات الرسول من أمثال
رفيدة بنت سعد الأسلمية والشفاء بنت عبد الله، وأم عطية الأنصارية -رضي الله عنهن-.
وقد اهتم المسلمون بالطب لما ورد في القرآن الكريم وسنة النبي وقد كثُر الأطباء من سكان الدولة الإسلامية، وترجمت كتب الطب التي كتبها أبقراط وجالينوس، وغيرهما، وتمت الاستفادة منها على أحسن وجه، واشتهر من العلماء الرازي الذي كان له دور كبير في التفريق بين الأعراض المتشابهة لبعض الأمراض، مثل: ألم القولون، وألم الكلى، والتفريق بين الجدري والحصبة.
وفرَّق ابن سينا بين شلل الوجه الناتج عن سبب أساسي في مراكز المخ، والآخر الناتج عن عامل خارجي. ونجح ابن النفيس في اكتشاف الدورة الدموية الصغرى في القرن السابع الهجري قبل معرفة أوربا لها بثلاثة قرون. وتنبه الطبيب والمؤرخ الأندلسي لسان الدين بن الخطيب إلى خطورة العدوى، ووجودها أثناء انتشار مرض الطاعون في الأندلس، فحذر الناس من خطورتها وبين كيفية الوقاية منها.
وقد عرف المسلمون الأوائل التخصص، فلم يسمحوا لأحد بممارسة الطب إلا بعد نجاحه في امتحان في كتب التخصص المعروفة، للتأكد من سعة ثقافة الطلاب النظرية والعمليةومن التخصصات التي عرفها المسلمون:
الأمراض الباطنية: لقد عرف المسلمون تركيب جسم الإنسان وأجهزته، وطبيعة المعدة وأمراضها، وديدان الأمعاء، والبواسير وغيرها من الأمراض.
الجراحة: وكان كتاب الحاوي للرازي يشتمل على معلومات عن جراحات الأعضاء التناسلية والدماغ والخُرَّاجات الموجودة داخل الأذن وجراحة البطن وغيرها. ويرجع الفضل في تقدم المسلمين في الجراحة إلى الطبيب الأندلسي المسلم أبي القاسم الزهراوي (ت 403هـ) رائد هذا التخصص، والذي استفادت أوربا من كتبه لمدة خمسة قرون، حيث تُرجمت مؤلفاته إلى اللغة اللاتينية.
طب العيون: لقد اهتم الأطباء المسلمون بأمراض العيون التي انتشرت في بعض البلاد الحارة، مثل: مصر والشام والعراق، ونجحوا في تشريح عيون الحيوانات، فعرفوا أجزاء كثيرة من عين الإنسان التي لا تختلف كثيرًا عن عين الحيوان، وعرفوا أمراضها المختلفة، ووصفوا لها علاجها، ومن الأطباء الذين برعوا في هذا التخصص
عمار بن علي الموصلي (ت 400 هـ) صاحب كتاب المنتخب في علاج أمراض العين،.
طب العظام: وقد نجح الأطباء المسلمون في علاج جميع الكسور في الأنف والفك والرقبة، والضلوع والركبة، والساقين، والذراع وغير ذلك، وكانوا يشرِّحون جثث الموتى لمعرفة شكل العظام والمفصل وكيفية اتصالها.
طب الأسنان: وفي كتاب الطبيب المسلم الزهراوي الذي سماه التصريف: باب وضح فيه كيف يمكن خلع الأسنان بجذورها، ووصف الآلات المستخدمة في ذلك، وعلاج ورم اللثة وتسكين الآلام، ووضع أسنان بديلة عن المخلوعة من عظم البقر المشدود بخيوط من الذهب أو الفضة، وعرفوا الوقاية من التسوس باستعمال السِّواك وبعض المحاليل والمساحيق التي تشبه معجون الأسنان اليوم.
طب النساء: اشتهر في هذا الفرع من فروع الطب الطبيب المسلم أبو بكر الرازي والزهراوي وابن سينا، ووجدت طبيبات مسلمات للقيام بهذا العمل مثل: أخت الحفيد بن زهر الأندلسي وابنتها، وهناك مؤلفات إسلامية طبية مثيرة تحتوي على معلومات واسعة عن أمراض النساء وعلاجها،.
طب الأطفال: ولقد احتل طب الأطفال مكانة عالية عند المسلمين، ونال الأطفال عناية كبيرة من اهتمام علماء الطب المسلمين، فقد تكلموا عن الرضاع والفطام، ومواقيته، كما عالجوا أمراض الأطفال مثل السعال والإسهال والقيء، وحاولوا علاج شلل الأطفال، والتبول اللاإرادي في الفراش، وغيرها من الأمراض. ومن كتب طب الأطفال: رسالة في أوجاع الأطفال لأبي على بن أحمد بن مندويه الأصفهاني
(ت410 هـ).
الطب النفسي والعقلي: وقد مارسه من أطباء المسلمين الرازي وغيره من الأطباء، واستخدموا فيه الصدمات والمفاجأة لعلاج الأعضاء المصابة بالشلل، وإعادة الحياة إليها، أما الأمراض العقلية فكانت هناك مستشفيات خاصة بهذه الأمراض في جو مليء بالخضرة والزهور والورد، وسماع بعض الآيات القرآنية.
علم الصيدلة: وبرع المسلمون الأوائل في علم الصيدلة، وقاموا بترجمة الكتب التي تتحدث عن العقاقير والأدوية، ثم طوروا وأبدعوا في مجالات الأدوية والأقراص والأشربة والمرهم، كما ورد في كتاب (فردوس الحكمة) لعلي بن سهل الطبري، وكتاب (الحاوي) في الطب لأبي بكر الرازي، وكتاب (القانون) لابن سينا.
وكان من أهم إنجازات العلماء المسلمين في مجال الصيدلة:
- اكتشاف العديد من العقاقير التي لا تزال تحتفظ بأسمائها العربية في اللغات الأجنبية مثل الحناء، والحنظل، والكافور، والكركم، والكمون.
- تحضير أدوية من مواد نباتية وحيوانية ومعدنية، وابتكار المعالجة المعتمدة على الكيمياء الطبية، ويعد الرازي أول من جعل الكيمياء في خدمة الطب، فاستحضر كثيرًا من المركبات.
- تغليف الأدوية المرة بغلاف من السكر أو عصير الفاكهة لكي يستسيغها المريض.
علم التنظيم والإدارة: برع المسلمون في كل المجالات، ومنها التنظيم الإداري، فقد اقتضى قيام الدولة الإسلامية أن يكون لها تنظيمها الإداري الخاص بها، الذي يقوم بتنفيذ سياساتها العامة، والقيام بتطبيق وتنفيذ أحكام الشريعة والحفاظ عليها، وقد مرَّ علم الإدارة والنظام الإداري الإسلامي بالعديد من المراحل.
وفي عهد عمر بن الخطاب، اتسعت الدولة الإسلامية، وازدادت الحاجة إلى تطوير النظام الإداري الإسلامي ليلائم الأوضاع الجديدة، فقام عمر -رضي الله عنه- بتطوير الجهاز الإداري في الدولة الإسلامية، فوضع التاريخ الهجري، وأنشأ الدواوين، ومنها ديوان الإنشاء لحفظ الوثائق الرسمية، وديوان العطاء والجند.