ابو رامى الغرباوى المراقب العام ونائب المدير العام
عدد الرسائل : 2921 تاريخ التسجيل : 07/12/2007
| موضوع: العبادة المفقودة مراقبة الله عز وجل الأحد يناير 09, 2011 11:42 am | |
| العبادة المفقودة مراقبة الله عز وجل يحيى بن موسى الزهراني
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الرقيب ، وأشهد أن لا إله إلا الله الحسيب ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله اللبيب ، صلى الله وسلم عليه وعلى كل صاحب وحبيب . . وبعد : للدين ثلاثة مراتب ، جاء ذكرها في الحديث المتفق على صحته من حديث عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ : بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ ، لاَ يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلاَ يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ ، وَقَالَ يَا مُحَمَّدُ : أَخْبِرْنِى عَنِ الإِسْلاَمِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " الإِسْلاَمُ : أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ ، وَتُؤْتِىَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلاً " ، قَالَ : صَدَقْتَ ، قَالَ : فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ ، قَالَ : فَأَخْبِرْنِى عَنِ الإِيمَانِ ؟ قَالَ : " أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ " ، قَالَ : صَدَقْتَ ، قَالَ : فَأَخْبِرْنِى عَنِ الإِحْسَانِ ؟ قَالَ : أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ . . . . . الحديث وفي آخره قَالَ : " فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ " [ متفق عليه ] . من هذا الحديث نعلم أن مراتب الدين كما وردت : الإيمان ، والإسلام ، والإحسان . وسوف نتحدث في هذه العجالة عن مرتبة المراقبة والخشية وهي الإحسان . فالإحسان معناه مراقبة الله تعالى في السر والعلن ، مراقبة من يحبه ويخشاه ، ويرجو ثوابه ويخاف عقابه ، بالمحافظة على الفرائض والنوافل ، واجتناب المحرمات والمكروهات . والمحسنون : هم السابقون بالخيرات المتنافسون في فضائل الأعمال . أما أدلته فهي كثيرة : من الكتاب قوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ } [ النحل : 128 ] . ومن السنة ما جاء في حديث جبريل عليه السلام أنه سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم فقال : أخبرني عن الإحسان . فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم : " أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " . ومقام المراقبة ركن واحد ، وهو أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، أن تكون عابداً لله على النحو الذي أمر اللهُ جل وعلا به وأمر به رسولُه ، فلتعلم أن الله جل وعلا مطلع عليك ، عالم بحالك ، يرى ويبصر ما تعمل وتقول ، يعلم ظاهر عملك وخفيه ، يعلم خلجات صدرك ، ويعلم تحركات أركانك وجوارحك .
قصة في المراقبة : كان هناك رجل اسمه نوح ابن مريم كان ذي نعمة ومال وثراء وجاه، وفوق ذلك صاحب دين وخلق، وكان له ابنة غاية في الجمال، ذات منصب وجمال. وفوق ذلك صاحبة دين وخلق. وكان معه عبد اسمه مبارك، لا يملك من الدنيا قليلا ولا كثيرا ولكنه يملك الدين والخلق، ومن ملكهما فقد ملك كل شيء. أرسلَه سيده إلى بساتين له، وقال له اذهب إلى تلك البساتين واحفظ ثمرها وكن على خدمتها إلى أن آتيك. مضى الرجل وبقي في البساتين لمدة شهرين. وجاءه سيده، جاء ليستجم في بساتينه، ليستريح في تلك البساتين. جلس تحت شجرة وقال يا مبارك، أتني بقطف من عنب. جاءه بقطف فإذا هو حامض. فقال أتني بقطف آخر إن هذا حامض. فأتاه بآخر فإذا هو حامض. قال أتني بآخر، فجاءه بالثالث فإذا هو حامض. كاد أن يستولي عليه الغضب، وقال يا مبارك أطلب منك قطف عنب قد نضج، وتأتني بقطف لم ينضج. ألا تعرف حلوه من حامضه ؟ قال : والله ما أرسلتني لأكله وإنما أرسلتني لأحفظه وأقوم على خدمته. والذي لا إله إلا هو ما ذقت منه عنبة واحدة. والذي لا إله إلا هو ما رقبتك ، ولا رقبت أحداً من الكائنات، ولكني راقبت الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. أعجب به، وأعجب بورعه وقال الآن أستشيرك، والمؤمنون نصحة، والمنافقون غششه، والمستشار مؤتمن. وقد تقدم لابنتي فلان وفلان من أصحاب الثراء والمال والجاه، فمن ترى أن أزوج هذه البنت ؟ فقال مبارك: لقد كان أهل الجاهلية يزوجون للأصل والحسب والنسب. واليهود يزوجون للمال. والنصارى للجمال. وعلى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يزوجون للدين والخلق. وعلى عهدنا هذا للمال والجاه. والمرء مع من أحب، ومن تشبه بقوم فهو منهم. أي نصيحة وأي مشورة ؟ نظر وقدر وفكر وتملى فما وجد خيرا من مبارك، قال أنت حر لوجه الله (أعتقه أولا). ثم قال لقد قلبت النظر فرأيت أنك خير من يتزوج بهذه البنت. قال أعرض عليها. فذهب وعرض على البنت وقال لها: إني قلبت ونظرت وحصل كذا وكذا، ورأيت أن تتزوجي بمبارك. قالت أترضاه لي ؟ قال نعم. قالت : فإني أرضاه مراقبة للذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. فكان الزواج المبارك من مبارك. فما الثمرة وما النتيجة ؟ حملت هذه المرأة وولدت طفلا أسمياه عبد الله، لعل الكل يعرف هذا الرجل. إنه عبد الله ابن المبارك المحدث الزاهد العابد الذي ما من إنسان قلب صفحة من كتب التاريخ إلا ووجده حيا بسيرته وذكره الطيب. إن ذلك ثمرة مراقبة الله عز وجل في كل شي. أما والله لو راقبنا الله حق المراقبة لصلح الحال، واستقامة الأمور .
خطورة معصية الخلوة : لابد لكل إنسان أن يخلو بنفسه أحياناً ، لأي غرض من الأغراض ، من الناس من يخلوا بنفسه لمعاتبتها ومحاسبتها ، ومنهم من يخلو لمعصية الله لأن الناس لا يرونه ، ومن من يبتعد عن الناس قليلاً يقرأ ويكتب ويسمع ما ينفعه ويزيده قرباً من ربه تبارك وتعالى وهكذا الناس في خلواتهم تختلف مشاربهم وأغراضهم . وهذا حديث عظيم الخطورة لمن انتهك حرمات الله في الخلوات ، لا يراقب الله تعالى ، ولكن يراقب البشر الذين لا ينفعونه ولا يضرونه شيئاً ، ونسي أن الله معه يسمع ويرى : عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : " لأَعْلَمَنَّ أَقْوَاماً مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضاً ، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُوراً " ، قَالَ ثَوْبَانُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا ، جَلِّهِمْ لَنَا ، أَنْ لاَ نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ ، قَالَ : " أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ ، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا " [ رواه ابن ماجة وصحح إسناده البوصيري ، وصححه الألباني في الصحيحة 2/18 ] . اللهم لا تجعلنا منهم ، اللهم لا تجعلنا منهم ، اللهم لا تجعلنا منهم ، يا حي يا قيوم ، يا ذا الجلال والإكرام . وعلى النقيض من أولئك الذين يعصون الله في الخلوة هذه نتيجة من يخاف الله في الخلوة ودعته نفسه والشيطان للمعصية ، ولكن تنهاه مراقبته لله أن يعصيه طرفة عين فكانت النتيجة الظل الظليل يوم القيامة ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ : إِمَامٌ عَادِلٌ ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ فِي خَلاءٍ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ، وَرَجُلٌ كَانَ قَلْبُهُ مُعَلَّقًا فِي الْمَسْجِدِ ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ إِلَى نَفْسِهَا ، فَقَالَ : إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَمْ تَعْلَمْ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ " [ متفق عليه ] . ألا فاعلم أيها المسلم أنك إذا خلوت ساعة أو لحظة أن الله معك ، فلا تجعله سبحانه أهون الناظرين إليك ، فإن فعلت فقد ارتكبت أمراً عظيماً ، وخطراً جسيماً ، وجرماً كبيراً . وإذا ظننت أن الله لا يراك فذلك هو الكفر والعياذ بالله ، لأنك عطلت صفات عظيمة من صفات الله تعالى ، جاء ذكرها في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأجمع عليها العلماء قاطبة ، وهي أن الله سبحانه سميع بصير . ***** سميع : أي أن الله عز وجل متصف بالسمع ، فهو سبحانه يسمع جميع الأصوات ، على تفنن الحاجات واختلاف اللغات ، فلو أن الناس كلهم من أولهم إلى آخرهم قاموا في صعيد واحد ، كلهم من زمن آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وسألوا الله وتكلموا جميعاً في لحظة واحدة ، لسمعهم جميعاً دون أن يختلط عليه صوت بصوت ، أو لغة بلغة ، أو حاجة بحاجة ، فيسمع سبحانه الجميع ، مع أن لغاتهم مختلفة ، وحاجاتهم متباينة ، وأصواتهم متغايرة ، بينما الإنسان لو تكلم عنده اثنان ، وبلغة واحدة ، لاختلط عليه كلامهما ، ولاحتاج أن يُسكِت أحدهما ليسمع كلام الآخر ، كما قال تعالى : { مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ }[ 2 ] . ***** والله جل وعلا بصير : أي متصف بالبصر ، يرى سبحانه كل شيء من فوق سبع سماوات ، يرى دبيب النملة السوداء ، على الصخرة الصماء ، في الليلة الظلماء . لو كان ليل دامس ، ونملة سوداء ، على صخرة سوداء ، ودنوت منها واقتربت وحلَّقت بعينيك فإنك لا تراها ، لكنَّ الله عز وجل يراها من فوق سبع سماوات ، بل يرى جريان الدم في عروقها ، ويرى سبحانه كلَّ جزء من أجزائها ، فهو سميع بصير ، يسمع كلَّ الأصوات ، ويرى جميع المخلوقات . ولأن المسلم يؤمن بهذه الصفة وغيرها من صفات الله تعالى ، فإن ذلك ولا ريب سيؤثر على سلوكه وعمله ، رأى أحد السلف رجلاً وامرأة في ريبة ، فاكتفى بقوله لهما : إنَّ الله يراكما ، سترنا الله وإياكم ، ذكَّرهما بهذه العقيدة التي تؤثر عليهما غاية التأثير في استقامة العمل إن كان لهما قلب . فتذكر يا عبد الله . . تذكري يا أمة الله . . أن الله سميع بصير ، فاحذر أن تغفل عن ذلك ، فتختفي منهم وتستتر عنهم لترتكب معصية ، وتنسى أن الله سبحانه وتعالى يسمعك ويراك ، قال تعالى : { يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً } [ النساء108 ] .
تذكر أن الله يراك : وقد ورد أن امرأة راودها رجل عن نفسها فأبت فأكرهها، فأرادت أن تعظه بأعظم موعظة وهي مراقبة ربه، لأنه لم يجن هذه الجناية إلا لأنه لم يراقب الله ونسي أن الله يراه، وبعد الإجبار قالت له: أغلق جميع الأبواب، فأغلق جميع الأبواب المحسوسة التي بينه وبين الناس _ الأبواب البشرية _ ونسي أن الباب الذي بينه وبين الله مفتوح ومكشوف، فقالت له: هل أغلقت جميع الأبواب؟ قال: لم يبق باب إلا وأغلقته، فقالت له: بقي باب مفتوح لم تغلقه! قال: أي باب؟! قالت: بقي الباب الذي بيننا وبين الله مفتوح، ألا تخاف الله؟ . . فارتعد وخاف ووجل فتركها خوفًا من الله الذي يراه حيث ما كان، وتاب هذا الرجل واستقام حاله . فينبغي أن نعلم يقينًا أن هذا الباب مفتوح إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ويجب أن تعلم أن ما يسترك من الله ظلام ولا سحاب ولا سقف ولا غطاء، أنت مكشوف لله عز وجل على الدوام، ألا تستحي من الله! لو كان أحدنا مع رجل صالح هل سيسمعه الكلام المحرم؟ ستقولون: لا, بل يترك الكلام المحرم من أجل هذا الرجل الصالح، وهل سيعمل السيئة مع الرجل الصالح؟ لا، لا يعلمها من أجل الرجل الصالح. عن سعيد بن يزيد الأزدي أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: " أوصيك أن تستحيي من الله عز وجل كما تستحيي من الرجل الصالح من قومك " [ رواه أحمد وغيره ، وصححه الألباني ، انظر حديث رقم : 2541 في صحيح الجامع ] ، " فالاِسْتِحْيَاءَ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ : أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى ، وَتَحْفَظَ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى ، وَتَتَذَكَّرَ الْمَوْتَ وَالْبِلَى " . لو أن الناس راقبوا ربهم في منازلهم هل ستبقى الأجهزة المحرمة في البيوت؟ الجواب: لا. لو أن الناس راقبوا ربهم هل يأخذ إنسان مال إنسان آخر؟ الجواب: لا. لو أن الناس راقبوا ربهم هل يوجد في المحاكم معاملات من ظالم على مظلوم؟ الجواب: لا ، لكن ضعفت مراقبتنا لله في كثير من أمور حياتنا فعصين ربنا في الخلوات ، فرحماك يارب البريات . أيها المسلم . . أيتها المسلمة . . نحن مأمورون بمراقبة الله تعالى على كل حال ، عَنْ أَبِى ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ " [ رواه الترمذي وقَالَ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ] .
إن الله يسمعك ويراك : تأهب أيها العبد للقاء الله تعالى بمراقبته في كل شؤون حياتك ، واحذر من الرياء فهو نقيض المراقبة ، احذر الإنترنت والفضائيات والجوال في الخلوات فإنها بئس الجليس ، ما لم تتق الله في نفسك ، وتراقبه في تصرفك ، واقرأ إن شئت : قوله تعالى : { وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } [ يونس61 ] . ويقول سبحانه وتعالى : { يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً } [ النساء108 ] .
ثمار المراقبة : أيها المؤمن، إن عينَ اللهِ تلاحقُك أينما ذهبت، وفي أي مكان حللت، في ظلامِ الليل، وراء الجدران، وراء الحيطان، في الخلوات في الفلوات، ولو كنتَ في داخلِ صخورٍ صم، هل علمتَ ذلك واستشعرتَه ؟ فاتقيتَ اللهَ ظاهراً وباطنا ؟ فكانَ باطنُك خيرُ من ظاهرِك .
إذا ما خلوت الدهرَ يوما فلا تقل……خلوتُ ولكن قل علي رقيبُ ولا تحسبنَ اللهَ يغفلُ ساعةً………..ولا أن ما تخفيه عنه يغيبُ للمراقبة ثمار عظيمة منها : 1- أن المراقبة من أسباب دخول الجنة : 2- أن بها يكسب العبد رضا الله سبحانه وتعالى عنه : 3- أنها من أعظم البواعث على المسارعة إلى الطاعات : 4- أن بها يحصل العبد على معيّة الله وتأييده : ه- أنها تعين على ترك المعاصي والمنكرات: 6- أنها من أفضل الطاعات وأغلاها : 7- أنها من خصال الإيمان وثمراته : 8- أن بها يسعد العبد وتصلح أحواله في الدارين. اللهم ارزقنا خشيتك في الغيب والشهادة ، اللهم اجعلنا نخشاك كأننا نراك ، اللهم مُنَّ علينا بمراقبتك في السر والعلانية ، يارب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
</B></I> | |
|